ذاكرة معلم
ذاكرة معلم
تعريف معلم متقاعد
ليس صدفة أن تكون كلمات هذا العنوان جميعها نكرات ؛ فالقلوب مليئة بالأسى والحسرات ، وبالأسرار لفظا ومعنى وحكايات ، ولا داعي للتحفظ فمن سلمت سريرته سلمت علانيته وإليكم ما حدث : ذهبتُ لإدارة المرور من أجل تجديد استمارة سيارتي فأعطاني الموظف استمارة ملأتُ بياناتها وأعطيته صورة الهويـة ، ثم قال أين التعريف ، قلت من أين آتي به ، قال من جهة عملك ، قلتُ أنا معلم متقاعد قال إذن اذهب إلى العمدة وأحضر تعريفاً ، قلت أنا أسكن في أحد الأحياء الجديدة ولا أعرف أن لحيّنا عمدة ولم يسبق أن تعاملتُ معه ، قال آسف لا بد من التعريف !! ثم رآني حـائراً فبادرته ألا تعرفني أنت ؟ قال بلى أنت أستاذي بل ومعظم من في هذه الصالة من طلابك ؛ قلت : ألا يعفيني هذا من إحضـار ورقة التعريف؟ قال ولكن الأوراق كـاملـة تذهب إلى الحـاسب ومن دون ورقـة التعريف لا يمكن تنزيل المعلومـات تركته وانصـرفت ولم أدر هل أذهب للبحث عن عمدة يعـرفني وأنا لا أعرفـه بعد أن صـرتُ مجهولاً حتى ممن يعـرفونني !! مررتُ بمبنى إدارة التعليـم فهو قريب جدا من الموقع فتاقت نفسي إلى هذا الصرح الذي طالمـا عـرفته وعـرفني فقادتني رجلاي دون تفكير ودخلت سلمتُ على مدير التعليم وهو العزيز والصديق أجلسني وأكرمني وأحضر لي القهوة والشـاي فزالت عني بعض همومي رويتُ له قصتي مع التعريف وقلت ألا تشفع لي سبعـة وثلاثون عـاماً في خدمـة التعليـم أن أحصل على ورقـة تعريف منكم؟؟ ضحك وقـال ما مهنتك الآن؟ قلتُ ( متسبباً ) هكذا وجدتها في الأوراق بعد التقـاعد ثم استدعى مدير شؤون الموظفين وكلّفه بأن يحرر تعريفاً خـاصاً بي على خـلاف النموذج الذي يتعاملون به وبعد طبعـه وختمه وتوقيعه خـرجتُ من عنده شـاكراً فضـله وتقديره لي !! ولكنّي أتساءل في نفسي وأخص معـالي وزير المعارف الذي صـرّح أكثر من مرة بضـرورة تكريم المتقاعدين واحتوائهم والاستفـادة من خـبراتهم يا معـالي الوزير: التكريم ليس درعاً منقوشاً ولا بسـاطاً مفروشاً ، وليست كلمـات تُقال في المناسبـات أو عبـارات تُقرأ في الكتيبـات .. التكريم أن لا يكون الإنسـان نكـرة يبحثُ في الشوارع عمن يعـرفـه بورقـة ، التكريم هو التواصل والتقدير ، التكريم أن يُرفع عن المعلم المتقاعد المهـانة والذل والانحناء لالتقاط ورقة تعريف من شخص لا يعرفه ! فمتى نكون أجل موقعا في قلوب من يعرفوننا ، فإن الدهر ذو صروف ، والأيام ذات نوائب على الشاهد والغائب .
مع تحيات / عواد محمود الصبحي 12/11/1424هـ
ليست هناك تعليقات