أبو حمدان والسّـقا
أبو حمدان والسّـقا
كان الوقت صيفا وقد حجبت الرطوبة جزءا من الحي الذي يسكنه
( أبو حمدان ) يا إلهي حتى هذه اللحظة من النهار ولم ينقشـع هذا الطل من سمائنا !!! ولكن لا غرابة في ذلك فبلدتنا على ساحل البحر وهذه هي طبيعة المدن الساحلية
جلس أبو حمدان في زاوية من ( المطراق ) يرقب الذاهب والآتي !! مما جعل جاره عبد الرحيم يخرج من دكانه بعدما شك أن الوضع غير عادي سأله ليست عادتك يا أبو حمدان تجلس في هذا الزقاق الضيق وكلما رأيت امرأة انحدرت إلى داخل بيتك ثم تعود ثانية !! ما الذي حدث ؟ إنني أراك في حالة غريبة الذي حدث أن هذا السقا قـليل الحياء يأتي ليملأ الزفة من البركة دون أن ( يُطرّ ق) أو حتى يكح أو (يتـنحـنـَحْ ) وأنت تعرف أن في البيت أختي وأمي وقد اشتكوا من هذه التصرفات على الرغم أنه لم يصدر منه شيء يخل بالأدب ولكن لماذا يعاندني !! عندما كلمته قال : لا أطـرّق ولا يحزنون واللي في راسك سويه !! والله لأشرب من دمه ،، سحبه عبد الرحيم بصعوبة بعد ما رأى شدة غضبه وانفعاله وأجلسه على صرْعة باب دكانه وأخذ يهدئه ؛؛ طوّل بالك يا أبو حمدان ( هذا السقا ليس غريبا علينا ولا على أهل الحارة ، وأنت تعرف أن وجود بركة الماء داخل البيت هو سبب المشكلة ، وأجدادنا يرحمهم الله كانوا لا يدقـقون في هذه الأمور فتجد الدار مملوكة لشخص وبداخلها بركة لشخص آخر وهذا شائع في بلدتنا وليس بجديد
نهض أبو حمدان فجأة !! لقد رأى السقا آتياً يحمل زفـّـة الماء وما هي إلا لحظات وقد احتد الجدال وعلت الأصوات والكل منهما يحلف ويتوعد اجتمع أهل الحارة ونجحوا في احتـواء الموقف ذهب أحد الحاضرين وملأ زفة الماء وأعطاها للسقا ليترك المكان ولا يعود للبركة ثانية هذا اليوم حتى يتم حل المشكلة بين السقا وأبو حمدان
نشط المصلحون من الجيران وذهبوا لكبار أهل الحي والأحياء المجاورة وتوصلوا إلى حل بموجبه يشتري أبو حمدان بركة الماء طالما أنها متداخلة في داره وقدروا قيمتها ( بمائتي ريال) ووافق صاحب البركة ولكن أبو حمدان لا يملك ولا مائتي قرش استعد بعض الحاضرين من أهل الحي بالتبرع لكن كبيرهم قال لا ؛ أبو حمدان لن يقبل وربما يزعل إذا قلنا له ذلك !! إذن ماهو الحل ؛؛؛ الحل عندي أنا أعطي أبو حمدان المبلغ كاملا سلفة طويلة الأجل بموجب ورقة وشهود !! وكان هذا الكبير ينوي أن يعطي أبو حمدان المبلغ من عنده هبة له ولكنه أيضا لم يرغب الإعلان عن ذلك حتى لا يجرح كرامته ويقـلل من مكانتــه وفي المساء كان العشاء الذي جمع أبو حمدان والسقا بالقرب من بركة الماء وانتهى كل شيء وحل الوفاق والصفاء.
ليست هناك تعليقات