عيدكم مبارك في ينبع
عيدكم مبارك في ينبع
العيد هو الفرحة ، وهو الجائزة ، و للمسلمين عيدان ؛ عيد الفطر ، وعيد الأضحى ، و هما تتويج لعملين عظيمين .
فعيد الفطر يأتي ابتهاجاً بإتمام الصيام ، وعيد الأضحى يأتي بعد استكمال المسلمين لمشاعر الحج . وفرحتنا بالعيد فرحة مشروعة تتمثل بإدخال السرور إلى النفس وإلى نفوس الآخرين ، و لقاء الأحبة و زيارة الأقارب ، و صلة الرحم ، و مواساة الفقراء والتمتع بما أنعم الله علينا من النعم والخيرات الكثيرة . لأن من يعش فرحة نفسه فقط لم يستمتع بالعيد كما يجب0 فلا بد أن تستشعر القلوب مصافحة بعضها قبل امتداد الأيادي ، وأن نتجاوز الآلام المزروعة في حياتنا ، و أن نضمد بالحنان أحزان بعضنا ، ليكون عيدنا عيداً حقيقياً تصفو فيه النفوس ، و تعود المحبة وتشيع الألفة بين الأسر والأقارب والجيران .
ومما أتذكره عن العيد هنا ؛؛ يستعد الناس للعيد قبل حلوله بأيام فينظفون بيوتهم بإخراج (الخصف) والحنابل والمفارش الصوفية لغسلها في مياه البحر ثم نشرها على الساحل وفوق السنابيك والأبوات المنزوكة وريثما تجف يقومون بفرش أرضية المجالس والغرف برمل البحر ؛ وهو ليس برمل و اسمه { الجلجال } وهو عبارة عن حبيبات صغيرة جدا من بقايا الأصداف المتكسرة ؛ كان الناس يأخـذونها من ( رأس الدقم ) الواقع الآن في منطقة الكورنيش .
وبحلول العيد يفرح كل طفل بثوب جديد من النوع ” البفتة ” الأبيض أو الملون حيث تتم خياطة الملابس داخل البيوت للكبار والصغار أو عند بيوت مشهورة ومعروفة بهذا العمل إذ لا يوجد في ينبع خياطون ، ولابد أن يلبس الكبار العمامة الحلبي أ والغباني والعزيزي أوالشرقـيّة الحمراء لأهل البادية .
ومن الصور التي لا تـُنسى كذلك تـزيين الصبيّـات الصغـيرات بالحناء و قد يتجمعـن في بيت واحد بحكم الجيرة والقرابة وفي البيوت يستعد النساء بعجن الدقيق لعمل الخبز والفـتوت وبعض الأصناف الأُخرى التي تُـقدم للزائرين خـلال أيـام العـيـد { كالمعمول والمنقـوش والغريّبة} لأنه خلال أيام العيد الأربعة لا تجد مخبزاً ولا دكاناً ولا محلاً يفتح أبوابه .
وهنـاك في برحـة العيد الوحيدة المعـروفـة ( بالما قفـة ) في السوق القديم بمحلة ( الصور ) عند مسجد السنوسي يجري العمل ليلاً ونهـاراً لتجهـيز مكان العيد بالمراجيح والألعاب الشعبية والبسطات التي تبيع البليلـة ، وألعـاب الأطفـال ، وقوارير (الشربيت ) وهو بتصغيره أقل جودة من شراب التوت .
كما أن للرجـال نصيبا في هـذا المكـان كالمقـاهي والمراجيح الخـاصة بهـم .. ومنذ الصباح تشاهد الأطفال وقد ارتسمت على وجوههم البسمة والبهجة .. وكانوا باكرا قد زاروا البيوت لأخذ ( العيدية ) و هي لا تتعدى القروش أو شئ من اللوز والحمص والحلوى وهم في غاية السعادة ..
وفي العصر تجد الكبير والصغير و كل أهل ينبع ، الكل يفرح أو يجد ما يفرحه في هذا المكان ابتداءً بمرجيحة الرجال التي ترتفع إلى عنان السماء يلتفون حولها في مزاد علني على اللوح و من يدفع أكثر يفوز بالركوب وسط مشاعر البهجة والتسلية البريئة .
ثم مراجيح الصغار والصناديق الدّوارة باليد عند الشيخ/ أبو يونس ، والطراطيع و نجوم الليل و الطعمية ومقاهي الرجال و ركوب الحمير و كم من راكب انفلت به حماره وسار به إلى ما لا يريد ، أما العربيات الكارو فكانت لها صولات و جولات لأنها تذهب بنا إلى أماكن كنّا نظنّها بعيدة حيث تخرج من الباب الصغير وتعود ثانية وموقع الباب الصغير هذا قريب من سوق رمضان الآن 0 وبعضهم يذهب إلى أماكن أبعـد كأنهم في رحلة طويلة وهي إلى مزرعة ( أبو مهنا ) في القف و كان لا يوجد في كل القف إلاّ عدة بيوت تعدّ على أصابع اليد الواحدة ،، وفي نشوة بالغة يرددون أهازيجهم البسيطة :
أيها الأحبة … اغسلوا أدران أحزانكم بفرحة العيد
ورددوا قول الشاعر :
ما للقلوب التي كانت تــعانـقهـــا
أفراحها اليوم لا تهتم بالعيد
هل تشتكي الحزن إن الحزن مبعثه
كآبة النفس من هم و تنكيد
فلتلحقوا موكب الأفراح إن بــــــها
صفو القلوب و فيها فرحة العيد
ليست هناك تعليقات