أبو حمدان ورحلة الحج - مدونة الأستاذ عواد محمود الصبحي

مدونة الأستاذ عواد محمود الصبحي

اخر الأخبار

أبو حمدان ورحلة الحج

أبو حمدان ورحلة الحج

في آخر أيام عيد الفطـر المبـارك من عام 1360هـ التقى أبو حمدان بصديقـه( حـامد أبو سـالم ) بناءً على موعد بينهمـا في قهـوة العيـد ؛  وهي قهـوة مؤقتـة تُقـام في أيام العيد فقط بسـاحة ( الماقفـة ) المخصصـة لمناسبات الأعيـاد في ينبـع

( يا قهوجي هـات براد أبو أربعـة ) صبّ أبو حمدان لصديقـه فنجان الشاي وقدمه له قائلاً : أبو سـالم :

( هل مِنك خُـوّه ) .. إلى أين ؟ .. إلى الحج .. سكت أبو سالم  قليلاً وأخذ رشفـة من الفنجـان وكأنه  تفاجأ بما سمع ثم نظـر لمحدثـه  أبو حمدان كيف تريدنا أن نذهب إلى الحج … لم يدعه يُكمل .. أعرف ما سـتقـوله : إنك لا تملك  شيئاً وأنا مثلك ولكن نعمل كما يعمل الناس .. قال : الآن فهمت ؛؛ نذهب إلى جدة  ونشـتغـل في بواخرالميناء لمدة شهرين حتى تتحسن الأحوال ومن هناك نؤدي فريضة الحج عندما يحين وقته … ضحك أبو حمدان أبوك مرحوم .. ( ما يعرف رطني إلاّ ولد بطني ) إذن  توكلنا على الله 

          بعد أسبوع ركبا في ( قطيرة النّجـابة ) الشراعية  من ينبـع إلى جدة بحـراً وهنـاك توجهـا إلى المينـاء والعمل متوفر في بواخر الإسمنت ؛؛ وحتى نهـاية شهرذي القعدة كانت الحصيلـة مائة وثمانون ( مجيدي )  لكل منهمـا مبلغ طيب ونية حسنة وعزم أكيد على أداء ركن من أركان الإسلام  ذهبا إلى الحج  من جدة إلى مكـة مشياً على الأقدام بعد أن تقاسما حمل الأثاث واللوازم الأخرى وبسم الله ( لبيك اللهم لبيك) ومنها إلى 

 ( منى )  ثم عـرفـات وهناك في عـرفات صعدا إلى جبل الرحمة ووقفا على الصخـرات وحمدا الله أن بلغهما هذا الموقف العظيم ثم نزلا فوجدا عيناً جـارية محـاذية للجبال يستقي منها الحجاج قيل لهما إنها (عين زبيدة  ) فشربا منها ومكثا عندها قليلاً لأنها تشبه عيون ينبع النخل في سـواقيهـا وجريانها وهناك في (منى) أكملا أيام التشريق في قهوة (باعيسى) وهي قهوة مشهـورة يقيم فيهـا الينبعـاويـة لمعرفتهم  بصـاحب القهـوة وهو رجل طيب يحب أهل ينبـع ويستضيفهـم أيام الحج مما  جعل اسمه يتردد على ألسنة الحجاج  القادمين من ينبع وبعد رمي الجمرات في اليوم الأخير نزلا مكة وطافا بالبيت  ثم عـادا إلى جدة مشيا على الأقدام  حـامدين لله وشـاكرين فضلـه بما أنعم عليهمـا من آداء فريضـة الحج ويا غريب بلادك بالطريقـة نفسهـا بحـراً من جدة إلى ينبـع  تلك هي الطريقة التي كان يتبعها كثير من سكان ينبع إذا ما عزموا على أداء فريضة الحج إنهم يسخـّرون كل وسيلة ممكنة ومشروعة لتحقيق غاياتهم النبيلة  ويجعلون من مشاعرهم الذاتية قوة معنوية ينشدون بها البراءة  والتقرب إلى  الله بما يملكون من صفاء القلوب  وعمق الإحساس  والتقوى ، ويهزمون الصعاب  التي تصادفهم فليس ثمـّـة ما يعكر مزاجهم ويشوه عواطفهم لأن دواخلهم لن تكون إلا وعاء للخير وصدق النية.


ليست هناك تعليقات