فـقـد الزوجـة ولوعة الفراق
فـقـد الزوجـة ولوعة الفراق
رثـــاء فــقـْـد الزوجـة ولـوعة الفـراق ..!!
الحمد لله على ما قدر وقضى ، والشكر له بالتسليم والرضا ، ( إنا لله وإنا إليه راجعون) هو الذي أنعم وأعطى وأخــذ ، وهو الفرد الصمد ، كتب على عباده البلاء بالأسباب ، وجعله مدعاة للأجر والثواب ؛ سبحانه الواحد الأحــد .
ليس فقد الزوجة بالأمر الهيـّن ، فلا أدري أي أنواع الرثاء أسطر ، وأي بحور الشعر أنظم وأبيـّن ، وهذه بعض خلجات النفس وخواطرها تنزف من أحاسيسنا فلا نملك إلا البوح بها :
رثـاؤك حـمْـد وقـلبٌ صبــور فأنتِ الحـبـيبة نبض الشـعور
فلا الشعر يكفي ويشفي الصدور ويارب أنت الغـفـور الشكـور
يزيـل عن النـفـس أدرانـها وليس من السهـل نسيانـها
ولا النعيُ خـفـّـف أحزانـها تـُرجـّـح بالعـفـو ميـزانهــا
إن رثيـْـتـك أيتها العزيزة الغالية ؛ فلن أجد من طيّب الكلام ما أعزي به نفسي إلا أن أناجي ربا قادرا مقتدرا يحتسب للصابر أجره ، ويعطي للمحتسب قدره ؛؛ فرحلة أربعين سنة من المودة وحسن العشرة يصعب عليّ أن أختصرها في كلمات ، أو أجملها في عبارات ، ولكنها تنفيس للأحزان ، بعد الاستسلام لقضاء الله ، ولإدراكنا التام أن هذه الدنيا دار بــلاء ، والآخرة دار جـزاء وبقاء .
وليس في المرض إلا العبرة والتفكر في حكمة رب الأرباب .. فلم نسمع بطبيب ماهر ، أو بمتخصص زائر إلا طرقنا أبوابه بعد أن مررنا بكل المشافي الكبيرة والصغيرة هنا وهناك .. وبعد ست سنوات من معاناة آلام القولون والتهاباته قيل لنا في التشخيص إنها الزائدة !! فأجْرِيتْ لها العملية وارتحنا من المعاناة ما يقرب السنة وحمدنا الله على أن هدانا للعلة وكتب لها الشفاء ولا نعلم أن هناك مرضا آخر ينتظرنا ؛ فسبحان الله ؛؛ لم يؤثر فيها مرض السنوات الست ، ولكن المرض الخطير الذي طرأ عليها اكتشفناه بعد شهر فقط ولم يمهلها أكثر من شهرين فلقيت وجه ربها صابرة محتسبة ..
هكذا تأتي إرادة الخالق بغير ما يريد المخلوق أحيانا ، سواء أدركنا حكمة الحكيم أو لم ندركها ..
” وفوق كل ذي علم عليم”
فاهنئي يا أم سفيان بالخاتمة الطيبة ، وبركة شهر الصوم وأيامه الفاضلة .. حيث أقيم العزاء ، وتقاطر المعزون ، ومرت الأيام المتبقية من رمضان وأنا أسكب العبرات كلما اختليت بنفسي ، وأتجرع الآهات كلما تحرك هاجسي وحسي ، ثم جاء العيد فكنا نتقبل التهاني والعزاء في اللحظة نفسها :
اللي من الناس هـنونـي واللي من الناس عزوني
لكـنهم لـو يشـوفـوني في حالتـي ما يـلوموني
ينعاد عيدك يا أبو سفيان لعلها آخـر الأحـزان
أقاسي الفـقد والحرمان ما يوم فقـد الأحبة هـان
يارب ؛؛ ما أضعف الإنسان في لحظات عجزه ، وما أعجزه عندما يحس بضعفه ، يقف محتارا ماذا يصنع .. فقد مررتُ بلحظات عصيبة ، أنظر إليك أيتها الحبيبة قبل موتك بأيام وأداري وجهي كلما زاد ألمُـك فتطلبين مني أقرأ عليك بعض الآيات وأراك ترتاحين لهذا ولا أنسى تلك اللحظات التي أتحاشى فيها النظر لوجهك الوضيء . ألبس النظارة الشمسية كي لا تلحظين ما يتقاطر من الدمع ؛ وعندما تناثر بعضه على يديك وأحسستِ به تسللت يدك بهدوء لتمسحه عن وجنتي وأنا أرى الدمعة تترقرق في عينيك وعندما هممتُ لتذكيرك بالحمد والتسبيح خنقت العبرة صوتي الجريح ، فلم تخرج كلماتي أشرتُ إلى مسبحتك فأخذتيها وأنت ترددين بصوت خافت : الحمد لله على كـل حال .. أدركتُ ساعتها أنها لحظة وداع ، وأن الأجل آت لا محال .
حسبنا الله ونِعم الوكيل وإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون ، اللهم أجرنا في مصيبتنا واخلفنا خيراً منها .
******
عواد محمود الصبحي 1 / شوال /1428هـ / ينــبع
ليست هناك تعليقات